شط الحنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة 000اهلا بيكم في منتدا المحبة 000 واتمني لكم اسعد الاوقات معنا دئما
شط الحنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة 000اهلا بيكم في منتدا المحبة 000 واتمني لكم اسعد الاوقات معنا دئما
شط الحنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شط الحنان

لكل شاطئ مرسي هنا علي شط الحنان مرساك فى ليلة عشق وخدانى على شط الهوا التانى قابلت البحر فى عيونك عطشت شربت من تانى بشرع الحب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
السلام عليكم ..... منتدى المحبة يرحب بكم ويتمنى لكم قضاء اجمل الأوقات ....... مع تحيات مديرة المنتدا ادارة المنتدا تتقدم بالشكر والتقدير الي اعضاء المنتدا علي الانضمام الينا مع اطيب التمنيات بالتوفيق
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
Admin - 3588
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
ادهم ميوزيك - 2033
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
محمد جلال - 885
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
فارس الاحلام - 674
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
جمال الروح - 512
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
دموع السحاب - 510
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
ميرنا - 484
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
طير الحنان - 451
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
بطوط - 415
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
a7med star - 365
خروج بني إسرائيل من مصر I_vote_rcapخروج بني إسرائيل من مصر I_voting_barخروج بني إسرائيل من مصر I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» عشق دون البشر
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2015 12:39 pm من طرف Admin

» الحب لغيرك صعب
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2015 12:37 pm من طرف Admin

»  اللمــس لغــة الجســـد.....
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2015 12:34 pm من طرف Admin

»  ساعة ‫#‏أميرتيِ‬♡̷☆☆☆
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2015 12:33 pm من طرف Admin

» أحبــــــــك
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2015 12:30 pm من طرف Admin

» بيت شعر حزين قصير
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالجمعة فبراير 07, 2014 4:49 pm من طرف Admin

» ن حكيم بن معاوية
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت نوفمبر 09, 2013 6:23 pm من طرف Admin

» إدريس عليه السلام
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالسبت نوفمبر 09, 2013 5:54 pm من طرف Admin

» رسالة إلى شعب سوريا العظيم من الشيخ محمد حسان
خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 04, 2013 3:58 pm من طرف Admin

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 22 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 22 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 79 بتاريخ الخميس أكتوبر 24, 2024 2:38 am
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 224 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Mohamed Gamal فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 11194 مساهمة في هذا المنتدى في 3369 موضوع
سحابة الكلمات الدلالية

 

 خروج بني إسرائيل من مصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
وسام القلم الذهبي
وسام القلم الذهبي
Admin


تاريخ التسجيل : 05/03/2011

خروج بني إسرائيل من مصر Empty
مُساهمةموضوع: خروج بني إسرائيل من مصر   خروج بني إسرائيل من مصر Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 16, 2012 12:58 pm

[size=16][b]
[center]
[center] [size=16][b]
[center]خروج بني إسرائيل من مصر:

بدا واضحا أن فرعون لن يؤمن لموسى. ولن يكف عن تعذيبه لبني إسرائيل، ولن يكف عن استخفافه بقومه. هنالك دعا موسى وهارون على فرعون.
وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً
وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن
سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى
قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88)
قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ
سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (89) (يونس)
لم يكن قد آمن مع موسى فريق من قومه. فانتهى الأمر، وأوحي إلى موسى أن يخرج
من مصر مع بني إسرائيل. وأن يكور رحيلهم ليلا، بعد تدبير وتنظيم لأمر
الرحيل. ونبأه أن فرعون سيتبعهم بجنده؛ وأمره أن يقوم قومه إلى ساحل البحر
(وهو في الغالب عند التقاء خليج السويس بمطقة البحيرات).
وبلغت الأخبار فرعون أن موسى قد صحب قومه وخرج. فأرسل أوامره في مدن
المملكة لحشد جيش عظيم. ليدرك موسى وقومه، ويفسد عليهم تدبيرهم. أعلن فرعون
التعبئة العامة. وهذا من شأنه أن يشكل صورة في الأذهان، أن موسى وقومه
يشكلون خطرا فعلى فرعون وملكه، فيكف يكون إلها من يخشى فئة صغيرا يعبدون
إله آخر؟! لذلك كان لا بد من تهوين الأمر وذلك بتقليل شأن قوم موسى وحجمهم
(إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) لكننا نطاردهم لأنهم أغاظونا،
وعلى أي حال، فنحن حذرون مستعدون ممسكون بزمام الأمور.
وقف موسى أمام البحر. وبدا جيش الفرعون يقترب، وظهرت أعلامه. وامتلأ قوم
موسى بالرعب. كان الموقف حرجا وخطيرا. إن البحر أمامهم والعدو ورائهم وليس
معهم سفن أو أدوات لعبور البحر، كما ليست أمامهم فرصة واحدة للقتال. إنهم
مجموعة من النساء والأطفال والرجال غير المسلحين. سيذبحهم فرعون عن
آخرهم.
صرخت بعض الأصوات من قوم موسى: سيدركنا فرعون.
قال موسى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).
لم يكن يدري موسى كيف ستكون النجاة، لكن قلبه كان ممتلئا بالثقة بربه،
واليقين بعونه، والتأكد من النجاة، فالله هو اللي يوجهه ويرعاه. وفي اللحظة
الأخيرة، يجيء الوحي من [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
(فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ) فضربه،
فوقعت المعجزة (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)
وتحققه المستحيل في منطق الناس، لكن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] إن أراد شيئا قال له كن فيكون.
ووصل فرعون إلى البحر. شاهد هذه المعجزة. شاهد في البحر طريقا يابسا يشقه
نصفين. فأمر جيشه بالتقدم. وحين انتهى موسى من عبور البحر. وأوحى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] إلى موسى أن يترك البحر على حاله (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ). وكان [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى قد شاء إغراق الفرعون. فما أن صار فرعون وجنوده في منتصف البحر، حتى أصدر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أمره، فانطبقت الأمواج على فرعون وجيشه. وغرق فرعون وجيشه. غرق العناد ونجا الإيمان بالله.
ولما عاين فرعون الغرق، ولم يعد يملك النجاة (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا
إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) سقطت عنه كل الأقنعة الزائفة، وتضائل، فلم يكتفي بأن يعلن
إيمانه، بل والاستسلام أيضا (وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لكن بلا
فائدة، فليس الآن وقت اختيار، بعد أن سبق العصيان والاستكبار (آلآنَ
وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
انتهى وقت التوبة المحدد لك وهلكت. انتهى الأمر ولا نجاة لك. سينجو جسدك
وحده. لن تأكله الأسماك، ولين يحمله التيار بعيدا عن الناس، بل سينجو جسدك
لتكون آية لمن خلفك.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً
وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) (يونس)
أسدل الستار على طغيان الفرعون. ولفظت الأمواج جثته إلى الشاطئ. بعد ذلك.
نزل الستار تماما عن المصريين. لقد خرجوا يتبعون خطا موسى وقومه ويقفون
أثرهم. فكان خروجهم هذا هو الأخير. وكان إخراجا لهم من كل ما هم فيه من
جنات وعيون وكنوز؛ فلم يعودوا بعدها لهذا النعيم! لا يحدثنا القرآن الكريم
عما فعله من بقى من المصررين في مصر بعد سقوط نظام الفرعون وغرقه مع
جيشه. لا يحدثنا عن ردود فعلهم بعد أن دمر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يشيدون. يسكت السياق القرآني عنهم. ويستبعدهم تماما من التاريخ والأحداث.

الجزء الثالث:

يتناول حياة موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون، والأحداث العظيمة التي حدثت أثناء ضياعهم في صحراء سيناء.

نفسية بني إسرائيل الذليلة:
لقد مات فرعون مصر. غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل. ورغم موته، فقد
ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل. من الصعب على سنوات القهر
الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام. لقد عوّد فرعون
بني إسرائيل الذل لغير الله. هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا
شديدا بالعناد والجهل.
كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم، حين مروا على قوم يعبدون
الأصنام. وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل، ويحمدوا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
أن هداهم للإيمان. بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم
إلها يعبدونه مثل هؤلاء الناس. أدركتهم الغيرة لمرأى الأصنام، ورغبوا في
مثلها، وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون.
واستلفتهم موسى إلى جهلهم هذا، وبيّن لهم أن عمل هؤلاء باطل، وأن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
فضل بني إسرائيل على العالمين فكيف يجحد هذا التفضيل ويجعل لهم صنما
يعبدونه من دون الله. ثم ذكّرهم بفرعون وعذابه لهم، وكيف أن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] نجاهم منه، فكيف بعد ذلك يشركون بالله مالا يضر ولا ينفع.

موعد موسى لملاقاة ربه:
انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
السلام، وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون
وجنده. والسير بهم إلى الديار المقدسة. لكن القوم لم يكونوا على استعداد
للمهمة الكبرى، مهمة الخلافة في الأرض بدين الله. وكان الاختبار الأول
أكبر دليل على ذلك. فما أن رأوا قوما يعبدون صنما، حتى اهتزت عقيدة
التوحيد في نفوسهم، وطلبوا من موسى أن يجعل لهم وثنا يعبدوه. فكان لا بد
من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه. من أجل
هذه الرسالة كانت مواعدة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لعبده موسى ليلقاه. وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم. فاستخلف في قومه أخاه هارون [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام.
كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة.
يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛ وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛
فتصفو روحه وتتقوى عزيمته. ويذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي:
"فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها موسى -عليه
السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى أن يكمل العشرة أربعين".
كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر. وكان موسى بتكليم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] له يزداد حبا في ربه أكثر. فطلب موسى أن يرى الله. ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية. أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري
الناس إلى طلب المستحيل. فما بالك بالحب الإلهي، وهو أصل الحب؟ إن عمق
إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه، واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته. دفعه
هذا كله إلى أن يسأل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الرؤية.
وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا، لكان هذا عدلا منه سبحانه، غير
أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى. موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا
أدركت رحمة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى موسى. أفهمه أنه لن يراه، لأن أحدا من [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لا يصمد لنور الله. أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.
قال تعالى: (وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ
فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا
وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)
لا يصمد لنور [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أحد. فدكّ الجبل، وصار مسوّى في الأرض. وسقط موسى مغشيا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
غائبا عن وعيه. فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار
وتدرك. وتبت إليك عن تجاوزني للمدى في سؤالك! وأنا أول المؤمنين بك
وبعظمتك.
ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى. بشرى
الاصطفاء. مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص. قال تعالى: (قَالَ
يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي
وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)
وقف كثير من المفسرين أمام قوله تعالى لموسى: (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى
النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي). وأجريت مقارنات بينه وبين غيره من
الأنبياء. فقيل إن هذا الاصطفاء كان خاصا بعصره وحده، ولا ينسحب على
العصر الذي سبقه لوجود إبراهيم فيه، وإبراهيم خير من موسى، أيضا لا ينطبق
هذا الاصطفاء على العصر الذي يأتي بعده، لوجود محمد بن عبد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] فيه، وهو أفضل منهما.
ونحب أن نبتعد عن هذا الجدال كله. لا لأننا نعتقد أن كل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] سواء. إذا إن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض، ورفع درجات بعضهم
على البعض. غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف
نحن في موقع الإيمان بجميع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
لا نتعداه. ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء. لا ينبغي أن يخوض
الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله. ليس من الأدب أن نفاضل
نحن بين الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.
ثم يبين [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى مضمون الرسالة (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ
مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)
ففيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] وشريعته والتوجيهات المطلوبة لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد!

عبادة العجل:
انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى. وعاد غضبان أسفا إلى قومه. فلقد أخبره [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
أن قموه قد ضلّوا من بعده. وأن رجلا من بني إسرائيل يدعى السّامري هو من
أضلّهم. انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة، قلبه يغلي
بالغضب والأسف. نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو
قومه.
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه. حتى وقعت فتنة السامري. وتفصيل هذه
الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر، صحبوا معهم كثيرا من حلي
المصريين وذهبهم، حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به، وعندما
أمروا بالخروج حملوه معهم. ثم قذفوها لأنها حرام. فأخذها السامري، وصنع
منها تمثالا لعجل. وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا،
فصنع العجل مجوفا من الداخل، ووضعه في اتجاه الريح، بحيث يدخل الهواء من
فتحته الخلفية ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار العجول الحقيقية.
ويقال إن سر هذا الخوار، أن السامري كان قد أخذ قبضة من تراب سار [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر. أي أن
السامري أبصر بما لم يبصروا به، فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل. وكان جبريل لا يسير على
شيء إلا دبت فيه الحياة. فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب، ثم صنع منه
العجل، خار العجل كالعجول الحقيقية. وهذه هي القصة التي قالها السامري
لموسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام.
بعد ذلك، خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه..
سألوه: ما هذا يا سامري؟
قال: هذا إلهكم وإله موسى!
قالوا: لكن موسى ذهب لميقات إلهه.
قال السامري: لقد نسي موسى. ذهب للقاء ربه هناك، بينما ربه هنا.
وهبت موجة من الرياح فدخلت من دبر العجل الذهب وخرجت من فمه فخار العجل.
وعبد بنو إسرائيل هذا العجل. لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة. كيف يمكن
الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة. فكيف
ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة؟ تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية
القوم الذين عبدوا العجل. لقد تربوا في مصر، أيام كانت مصر تعبد الأصنام
وتقدس فيما تقدس العجل أبيس، وتربوا على الذل والعبودية، فتغيرت نفوسهم،
والتوت فطرتهم، ومرت عليهم معجزات [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] فصادفت نفوسا تالفة الأمل. لم يعد هناك ما يمكن أن يصنعه لهم أحد. إن كلمات [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
لم تعدهم إلى الحق، كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات،
ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان. كانوا وثنيين مثل سادتهم المصريين
القدماء. ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل.
وفوجئ هارون [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الصلاة والسلام يوما بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب. انقسموا
إلى قسمين: الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء. والأغلبية الكافرة طاوعت
حنينها لعبادة الأوثان. ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم. قال لهم: إنكم
فتنتم به، هذه فتنة، استغل السامري جهلكم وفتنكم بعجله. ليس هذا ربكم ولا
رب موسى (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا
أَمْرِي).
ورفض عبدة العجل موعظة هارون. لكن هارون -عليه السلام- عاد يعظهم ويذكرهم بمعجزات [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
التي أنقذهم بها، وتكريمه ورعايته لهم، فأصموا آذانهم ورفضوا كلماته،
واستضعفوه وكادوا يقتلونه، وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى.
كان واضحا أن هارون أكثر لينا من موسى، لم يكن يهابه القوم للينه
وشفقته. وخشي هارون أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم الذي يعبدونه فتثور
فتنة بين القوم. فآثر هارون تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى.
كان يعرف أن موسى بشخصيته القوية، يستطيع أن يضع حدا لهذه الفتنة. واستمر القوم يرقصون حول العجل.
انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل.
توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت. صرخ موسى يقول: (بِئْسَمَا
خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ).اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من
يده على الأرض. كان إعصار الغضب داخل موسى يتحكم فيه تماما. مد موسى يديه
وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش. قال موسى:
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه)
إن موسى يتساءل هل عصى هارون أمره. كيف سكت على هذه الفتنة؟ كيف طاوعهم على
البقاء معهم ولم يخرج ويتركهم ويتبرأ منهم؟ كيف سكت عن مقاومتهم أصلا؟
إن الساكت عن الخطأ مشترك فيه بشكل ما. زاد الصمت عمقا بعد جملة موسى
الغاضبة. وتحدث هارون إلى موسى. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته. بحق
انتمائهما لأم واحدة. وهو يذكره بالأم ولا يذكره بالأب ليكون ذلك أدعى
لاستثارة مشاعر الحنو في نفسه.
أفهمه أن الأمر ليس فيه عصيان له. وليس فيه رضا بموقف عبدة العجل. إنما خشي
أن يتركهم ويمضي، فيسأله موسى كيف لم يبق فيهم وقد تركه موسى مسؤولا
عنهم، وخشي لو قاومهم بعنف أن يثير بينهم قتالا فيسأله موسى كيف فرق بينهم
ولم ينتظر عودته.
أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه، وكادوا يقتلونه حين
قاومهم. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء، ويستخف به
القوم زيادة على استخفافهم به. أفهمه أنه ليس ظالما مثلهم عندما سكت عن
ظلمهم.
أدرك موسى أنه ظلم هارون في غضبه الذي أشعلته غيرته على [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى وحرصه على الحق. أدرك أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف. ترك رأسه ولحيته واستغفر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
له ولأخيه. التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا: (يَا
قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ
عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن
رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي).
إنه يعنفهم ويوبخهم ويلفتهم بإشارة سريعة إلى غباء ما عملوه. عاد موسى يقول
غاضبا أشد الغضب: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ
غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).
لم تكد الجبال تبتلع أصداء الصوت الغاضب حتى نكس القوم رءوسهم وأدركوا
خطأهم. كان افتراؤهم واضحا على الحق الذي جاء به موسى. أبعد كل ما فعله [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى لهم، ينكفئون على عبادة الأصنام؟! أيغيب موسى أربعين يوما ثم يعود ليجدهم يعبدون عجلا من الذهب. أهذا تصرف قوم، عهد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] إليهم بأمانة التوحيد في الأرض؟
التفت موسى إلى السامري بعد حديثه القصير مع هارون. لقد أثبت له هارون
براءته كمسئول عن قومه في غيبته، كما سكت القوم ونكسوا رءوسهم أمام ثورة
موسى، لم يبق إلا المسئول الأول عن الفتنة. لم يبق إلا السامري.
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
إنه يسأله عن قصته، ويريد أن يعرف منه ما الذي حمله على ما صنع. قال السامري: بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
رأيت جبريل وهو يركب فرسه فلا تضع قدمها على شيء إلا دبت فيه الحياة. فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
أخذت حفنة من التراب الذي سار [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] جبريل وألقيتها على الذهب. فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
هذا ما ساقتني نفسي إليه.
لم يناقش موسى، [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام السامري في ادعائه. إنما قذف في وجهه حكم الحق. ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل، [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام، فقبض قبضة من أثره. ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
فرس جبريل، أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل. المهم
في الأمر كله جريمة السامري، وفتنته لقوم موسى، واستغلاله إعجاب القوم
الدفين بسادتهم المصريين، وتقليدهم لهم في عبادة الأوثان. هذه هي الجريمة
التي حكم فيها موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
السلام: (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا
مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى
إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ
لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا).
حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا. يقول بعض المفسرين: إن موسى دعا
على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه.
ونعتقد أن الأمر أخطر كثيرا من هذه النظرة السريعة. إن السامري أراد بفتنته
ضلال بني إسرائيل وجمعهم حول عجله الوثني والسيادة عليهم، وقد جاءت
عقوبته مساوية لجرمه، لقد حكم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
بالنبذ والوحدة. هل مرض السامري مرضا جلديا بشعا صار الناس يأنفون من
لمسه أو مجرد الاقتراب منه؟ هل جاءه النبذ من خارج جسده؟ لا نعرف ماذا
كان من أمر الأسلوب الذي تمت به وحدة السامري ونبذ المجتمع له. كل ما
نعرفه أن موسى أوقع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
عقوبة رهيبة، كان أهون منها القتل، فقد عاش السامري منبوذا محتقرا لا
يلمس شيئا ولا يمس أحدا ولا يقترب منه مخلوق. هذه هي عقوبته في الدنيا،
ويوم القيامة له عقوبة ثانية، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر
وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار. لم يكتف
بصهره أمام عيون القوم المبهوتين، وإنما نسفه في البحر نسفا. تحول الإله
المعبود أمام عيون المفتونين به إلى رماد يتطاير في البحر. ارتفع صوت
موسى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) هذا هو إلهكم، وليس ذلك الصنم الذي لا يملك
لنفسه نفعا ولا ضرا.
بعد أن نسف موسى الصنم، وفرغ من الجاني الأصلي، التفت إلى قومه، وحكم في
القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا
للتوبة. وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني إسرائي من عصى.
قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ
أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ
فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم (54) (البقرة)
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة، وتتفق مع الجرم
الأصلي. إن عبادة الأوثان إهدار لحياة العقل وصحوته، وهي الصحوة التي تميز
الإنسان عن غيره من البهائم والجمادات، وإزاء هذا الإزهاق لصحوة العقل،
تجيء العقوبة إزهاقا لحياة الجسد نفسه، فليس بعد العقل للإنسان حياة يتميز
بها. ومن نوع الجرم جاءت العقوبة. جاءت قاسية ثم رحم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى وتاب. إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم .
أخيرا. سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ. تأمل تعبير القرآن الكريم الذي يصور
الغضب في صورة كائن يقود تصرفات موسى، ابتداء من إلقائه لألواح التوراة،
وشده للحية أخيه ورأسه. وانتهاء بنسف العجل في البحر، وحكمه بالقتل على
من اتخذوه ربا. أخيرا سكت عن موسى الغضب. زايله غضبه في الله، وذلك أرفع
أنواع الغضب وأجدرها بالاحترام والتوقير. التفت موسى إلى مهمته الأصلية
حين زايله غضبه فتذكر أنه ألقى ألواح التوراة. وعاد موسى يأخذ الألواح
ويعاود دعوته إلى الله.

رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل:
عاد موسى إلى هدوئه، واستأنف جهاده في الله، وقرأ ألواح التوراة على قومه.
أمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم. ومن المدهش أن قومه
ساوموه على الحق. قالوا: انشر علينا الألواح فإن كانت أوامرها ونواهيها
سهلة قبلناها. فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها. فراجعوا مرارا، فأمر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم، وقيل
لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم، فقبلوا بذلك، وأمروا
بالسجود فسجدوا. وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون إلى الجبل فوقهم
هلعا ورعبا.
وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا إذا لويت أعناقهم
بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع
الخوف إليه دفعا. وهكذا يساق الناس بالعصا الإلهية إلى الإيمان. يقع هذا
في ظل غياب الوعي والنضج الكافيين لقيام الاقتناع العقلي. ولعلنا هنا
نشير مرة أخرى إلى نفسية قوم موسى، وهي المسئول الأول عن عدم اقتناعهم
إلا بالقوة الحسية والمعجزات الباهرة. لقد تربى قوم موسى ونشئوا وسط هوان
وذل، أهدرت فيهما إنسانيتهم والتوت فطرته. ولم يعد ممكنا بعد ازدهار
الذل في نفوسهم واعتيادهم إياه، لم يعد ممكنا أن يساقوا إلى الخير إلا
بالقوة. لقد اعتادوا أن تسيرهم القوة القاهرة لسادتهم القدامى، ولا بد
لسيدهم الجديد (وهو الإيمان) من أن يقاسي الأهوال لتسييرهم، وأن يلجأ
مضطرا إلى أسلوب القوة لينقذهم من الهلاك. لم تمر جريمة عبادة العجل دون
آثار

اختيار سبعين رجلا لميقات الله:
أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ويتوبوا إليه. اختار منهم سبعين رجلا، الخيّر فالخيّر، وقال انطلقوا إلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم.
صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات
حدده له [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى. دنا موسى من الجبل. وكلم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى موسى، وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه.

ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير، وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب
مدى الحياة. غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من
المعجزة. إنما طلبوا رؤية [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى. قالوا سمعنا ونريد أن نرى. قالوا لموسى ببساطة: (يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً).

هي مأساة تثير أشد الدهشة. وهي مأساة تشير إلى صلابة القلوب واستمساكها
بالحسيات والماديات. كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة. أخذتهم رجفة مدمرة
صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور. ماتوا.

أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام يدعو ربه ويناشده
أن يعفو عنهم ويرحمهم، وألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم، وليس طلبهم
رؤية [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تبارك وتعالى وهم على ما هم فيه من البشرية الناقصة وقسوة القلب غير سفاهة كبرى. سفاهة لا يكفر عنها إلا الموت.

قد يطلب النبي رؤية ربه، كما فعل موسى، ورغم انطلاق الطلب من واقع الحب
العظيم والهوى المسيطر، الذي يبرر بما له من منطق خاص هذا الطلب، رغم هذا
كله يعتبر طلب الرؤية تجاوزا للحدود، يجازى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
النبي بالصعق، فما بالنا بصدور هذا الطلب من بشر خاطئين، بشر يحددون
للرؤية مكانا وزمانا، بعد كل ما لقوه من معجزات وآيات..؟ أليس هذا سفاهة
كبرى..؟ وهكذا صعق من طلب الرؤية.. ووقف موسى يدعو ربه ويستعطفه
ويترضاه.. يحكي المولى عز وجل دعاء موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام بالتوبة على قومه في سورة الأعراف:

وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا
أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن
قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ
هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء
أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ
الْغَافِرِين (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ
أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ
يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا
يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ
النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
(الأعراف)

هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه. ورضي [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم، واستمع المختارون في هذه
اللحظات الباهرة من تاريخ الحياة إلى النبوءة بمجيء محمد بن عبد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] صلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] وسلم.

سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية، إن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى يتجاوز زمن مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين، هما نزول
التوراة ونزول الإنجيل، ليقرر أنه (تعالى) بشّر بمحمد في هذين الكتابين
الكريمين. نعتقد أن إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين
رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل من فيهم، لميقات ربه. في هذا اليوم
الخطير بمعجزاته الكبرى، تم إيراد البشرى بآخر أنبياء [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عز وجل.

يقول ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء، نقلا عن قتادة:
إن موسى قال لربه: يا رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: ربي إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها. وكان من
قبلهم يقرءون كتابهم نظرا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه. وإن
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أعطاهم من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة. فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويؤجرون
عليها، وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق أحدهم بصدقة فقبلت منه بعث [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عليها نارا فأكلتها، وإن ردت [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تركت فتأكلها السباع والطير. وإن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم. رب فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم عملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.


نزول المن والسلوى:
سار موسى بقومه في سيناء. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي من الشمس، وليس فيها طعام ولا ماء. وأدركتهم رحمة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام. والمن مادة يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة. وساق [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال إنه (السمان). وحين اشتد
بهم الظمأ إلى الماء، وسيناء مكان يخلو من الماء، ضرب لهم موسى بعصاه
الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه. وكان بنو إسرائيل ينقسمون
إلى 12 سبطا. فأرسل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
المياه لكل مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في النفوس
التواءاتها المريضة. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا من هذا الطعام، واشتاقت
نفوسهم إلى البصل والثوم والفول والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة مصرية
تقليدية. وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ليخرج لهم من الأرض هذه الأطعمة.

وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام هوانهم في مصر، وكيف
أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه.

السير باتجاه بيت المقدس:
سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس. أمر موسى قومه بدخولها وقتال من
فيها والاستيلاء عليها. وها قد جاء امتحانهم الأخير. بعد كل ما وقع لهم من
المعجزات والآيات والخوارق. جاء دورهم ليحاربوا -بوصفهم مؤمنين- قوما من
عبدة الأصنام.

رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة. وحدثهم موسى عن نعمة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عليهم. كيف جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون، وآتاهم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ.

وكان رد قومه [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أنهم يخافون من القتال. قالوا: إن فيها قوما جبارين، ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء.

وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم. تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة
ألف. لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال. وراح هذان
الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال. قالا: إن مجرد دخولهم من
الباب سيجعل لهم النصر. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن
ويرتعشون في أعماقهم.

مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوما يعكفون على
أصنامهم. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل، واعتادوا الذل، فلم يعد في
استطاعتهم أن يحاربوا. وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
موسى وربه. وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ
وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) هكذا بصراحة وبلا
التواء.

أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء. مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس
باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة. عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك
إلا نفسه وأخاه. دعا موسى على قومه أن يفرق [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] بينه وبينهم.

وأصدر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل. كان الحكم هو
التيه أربعين عاما. حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة. ويولد بدلا
منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل، ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأن
ينتصر.

قصة البقرة:

بدأت أيام التيه. بدأ السير في دائرة مغلقة. تنتهي من حيث تبدأ، وتبدأ من
حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد. ليلا ونهارا وصباحا ومساء. دخلوا
البرية عند سيناء.

مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا
تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن
الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن
يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني
إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى
ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان
المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم
باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن
يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.

إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين
الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة
التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني
إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس
استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.

لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك
الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى
لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه
بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا
بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة
والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟
أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه
فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست
بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.

إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة،
ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون
البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات
الأدب والوقار اللازمين في حق [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا
الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة.
ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة
صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.

وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة
لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة.
انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات
الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.

وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله
موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث)
ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم،
استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال
بسبب لجاجتهم وتعنتهم.

نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل
السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها
موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا:
(ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون
ربوبية [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات
كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم:
(الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] في البقر عادة.

ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم،
ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق
وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي
لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة
الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على
مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.

إيذاء بني إسرائيل لموسى:

قاسى موسى من قومه أشد المقاساة، وعانى عناء عظيما، واحتمل في تبليغهم
رسالته ما احتمل في سبيل الله. ولعل مشكلة موسى الأساسية أنه بعث إلى قوم
طال عليهم العهد بالهوان والذل، وطال بقاؤهم في جو يخلو من الحرية، وطال
مكثهم وسط عبادة الأصنام، ولقد نجحت المؤثرات العديدة المختلفة في أن تخلق
هذه النفسية الملتوية الخائرة المهزومة التي لا تصلح لشيء. إلا أن تعذب
أنبيائها ومصلحيها.

وقد عذب بنو إسرائيل موسى عذابا نستطيع -نحن أبناء هذا الزمان- أن ندرك
وقعه على نفس موسى النقية الحساسة الكريمة. ولم يقتصر العذاب على العصيان
والغباء واللجاجة والجهل وعبادة الأوثان، وإنما تعدى الأمر إلى إيذاء موسى
في شخصه.

قال تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)
(الأحزاب)

ونحن لا تعرف كنه هذا الإيذاء، ونستبعد رواية بعض العلماء التي يقولون فيها
أن موسى كان رجلا حييا يستتر دائما ولا يحب أن يرى أحد من الناس جسده
فاتهمه اليهود بأنه مصاب بمرض جلدي أو برص، فأراد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
أن يبرئه مما قالوا، فذهب يستحم يوما ووضع ثيابه على حجر، ثم خرج فإذا
الحجر يجري بثيابه وموسى يجري وراء الحجر عاريا حتى شاهده بنو إسرائيل
عاريا وليس بجلده عيب. نستبعد هذه القصة لتفاهتها، فإنها إلى جوار خرافة
جري الحجر بملابسه، لا تعطي موسى حقه من التوقير، وهي تتنافى مع عصمته
كنبي.

ونعتقد أن اليهود آذوا موسى إيذاء نفسيا، هذا هو الإيذاء الذي يدمي النفوس
الكريمة ويجرحها حقا، ولا نعرف كيف كان هذا الإيذاء، ولكننا نستطيع تخيل
المدى العبقري الآثم الذي يستطيع بلوغه بنو إسرائيل في إيذائهم لموسى.


فترة التيه:

ولعل أعظم إيذاء لموسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل نشر عقيدة
التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه العقيدة أن تستقر على
الأرض في مكان، وتأمن على نفسها، وتمارس تعبدها في هدوء. لقد رفض بنو
إسرائيل القتال. وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).

وبهذه النفسية حكم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
عليهم بالتيه. وكان الحكم يحدد أربعين عاما كاملة، وقد مكث بنو إسرائيل
في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله. فنى الجيل الخائر المهزوم من
الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد. جيل لم يتربى وسط
مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام الحرية. جيل لم ينهزم من الداخل، جيل لم
يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في
تيه لا يبدو له أول ولا تستبين له نهاية. إلا خشية من لقاء العدو. جيل
صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه. جيل لا يقول لموسى
(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).

جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانة من ديانات التوحيد. أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما.

ولقد قدر لموسى. زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى. قدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل. فقد مات موسى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الصلاة والسلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عليهم دخولها.

وقال [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] صلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] وسلم حين كان قومه يؤذونه في الله: قد أوذي موسى بأكثر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shat.forumarabia.com
 
خروج بني إسرائيل من مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خروج بني إسرائيل من مصر:
» خروج بني إسرائيل من مصر:
» رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل:
» شاهد خروج الروح
»  اكمال القصه خروج بني اسرايل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شط الحنان :: فصص الانبياء-
انتقل الى: