نوح عليه السلام

وسام القلم الذهبي تاريخ التسجيل : 05/03/2011

[center]نوح [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام

نبذة:
كان نوح تقيا صادقا أرسله [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر
يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم
فمنع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عنهم العذاب فآمنوا فرفع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين.

سيرته:

حال الناس قبل بعثة نوح:

قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم
ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).
بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت..
ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء
الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل
إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على
الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.

إرسال نوح [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام:
كان نوح كان على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث.
هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم
للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون
هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا،
وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل.

تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء
والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء
والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع
على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.

في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض
رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة
لأرسل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما
وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم
على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير
الفقراء والضعفاء والأراذل.

هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة.
قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم
ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة
مع هؤلاء.

واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده.
أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما
هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من
يشاء، إنما الرحمة بيت [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الذي يستقبل فيه من يشاء.

كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الكريم الوجيه. وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.

قال لهم إن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو
بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا إله إلا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا
يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه.
أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده كنبي.
وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم، فمن الذي ينصر نوحا من [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.

وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذلله
وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهي
إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة
الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن
هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم، [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لن يؤتيهم خيرا.

وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] موقفهم منه في سورة (هود):

قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا
بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا
يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ
يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ
يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)
(هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى. تسليما بأن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ
حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه
إلى ربه. بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في
الأمر أن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر..
وهذا من تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى طريق ما اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لهم.

وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت
كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب
ويشتمون نبي الله:

قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

ورد عليهم نوح بأدب [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] العظيم:

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ
الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ
وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما
بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا
وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] في الكائنات، وكلما دعاهم إلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ألف سنة إلا خمسين عاما.

وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح
غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء
والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا
بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما
يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

وجاء يوم أوحى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

برر نوح دعوته بقوله:

إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)

الطوفان:

ثم أصدر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] وتعليمه، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى أمره إلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع ما
زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلف
المفسرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي
عملت فيه، ومقدار طولها، وعرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء.
وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني، لأنها
أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا. نحن
نتفق مع الرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما
حدثنا [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] به. تجاوز [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم.

بدأ نوح يبني السفينة، ويمر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار
قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟
أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات
الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا
بعد أن كنت نبيا!

إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأن العذاب غير واقع..
غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من
الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.

انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. أوحى [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير
التنور أنه بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج
منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.

وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به، وهبط جبريل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين
اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر
المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساق جبريل [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على
الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما كان هناك
معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت
الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.

لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي
الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي
الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.

ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر
مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد
ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح
الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.

ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. وفي [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه. ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء
عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ

وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ

انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج
حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع
وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين
تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا
الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض.
وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول
الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق. كانت السفينة تجري
بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال
القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار،
ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض،
وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.

استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن
تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن
ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر
الطوفان الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ
الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً
لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض.
(وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم
نوح تماما. ويقال أن [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير.
(وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه، وقيل كان ذلك يوم
عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول
بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي
غرق.

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد،
آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم
يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى
في سورة (هود):

وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ
وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] بنجاة أهله المؤمنين. قال [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:

يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ
مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه
عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ
أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في
إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.

وثمة درس مهم تنطوي [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن
بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في
العقيدة. هو من يتبع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ
المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات
العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض.

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض،
نزل المؤمنون بعد ذلك. ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح
بعد نجاتهم من الطوفان.

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط][/center]

» آدم عليه السلام
» هود عليه السلام
» شيث بن ادم عليه السلام
» لوط عليه السلام
» سليمان عليه السلام