كان هناك بلد من البلاد البعيدة والموجودة فى جزيرة من جزر المحيط العظيم .. كان لها نظام خاص فى الحكم
كان مبدأ الحكم يقوم فيها على أساس من يرغب أن يحكم فليتقدم ، ولاكن بشرطين
...
الأول : أن مدة الحكم سنتان يستحيل تكرارها
الثانى : أن بعد السنتين سيتم إرسال الحاكم بعد عزله إلى جزيرة أخرى فى بحر الظلمات ؛ وهى جزيرة غير مأهولة لا يعيش فيها إلا الوحوش الشرسة والحيوانات المفترسة
والعجيب أن القائمة كان فيها الكثيرون من راغبى الموت حكما ، إنها شهوة الكرسى
ويعيش الحاكم السنتين يحاول أن يلهو ويستمتع بقدر الإمكان فهو يعرف مصيره ، حيث الفناء فى جزيرة الضياع ، والنتيجة أن الحكام لم يفكروا يوما فى أهل الجزيرة .. فعاشوا فى ضنك مستمر
وتقدم يوما شاب فقير ليأخذ دوره فى الحكم
سألوه : هل تعرف الشروط ؟
قال : نعم ؛ شرطان
عقدوا له حفل تتويج ؛ وألبسوه تاج الملك ، وبدأ عهده فى حكم جزيرة المظاليم هذه .. .والعجيب أن الفتى كان سعيدا فى حكمه عكس من كانوا قبله
كان قليل اللهو والعبث عكس من كانوا قبله من الحكام ، كان مصلحا لجزيرته .. عادلا فى حكمه يبنى بلاده ويزرع الخير فيها .. أيضا عكس من كانوا قبله ؛ وأحبه الشعب .. وفى غمرة حبه له وجدوا السنتين قد مرتا ؛ وجاء مجلس الحكماء يطالبونه فى أسف شديد بتطبيق الشرطين
إبتسم الشاب لهم ونزل عن كرسى ملكه ؛ وسلم التاج ، وقال لهم وهو يطير من الفرح : أنا مستعد للذهاب إلى الجزيرة
كان الشعب كله يحيط بالقصر فى حزن عميق على هذا الملك الذى لم يروا مثله .. وحاول الجميع أن يغيروا الشروط ، ولكنها قوانين الجزر التى لا تتغير
وقبل أن ينطلق الفتى إلى الجزيرة أوقفه أحد الحكماء ، وقال له
أمرك عجيب أيها الفتى .. رأينا منك فى حكمك كل العجب ، واليوم لم نر أعجب من حالك .. ألا تدرى إلى أين ستذهب
قال الفتى : نعم أدرى
إذن كيف تفرح والفناء مصيرك
إبتسم الفتى الشاب ، وقال لهم : بالعكس .. لقد وضعت جزيرة الموت أمامى منذ أول يوم جعلتها شغلى الشاغل فأرسلت إليها مجموعات من الشعب الذى أحبنى فأعد أرضها ، وخلص غاباتها من وحوشها وحيواناتها حيث حبسها فى مكان خاص بها ، وبنى لى قصورا هناك ، أرسلت إليها أهلى الذين أحبهم .. وإنى الآن ذاهب لأعيش معهم فى جنتى التى ذرعتها بيدى
وإنطلق إلى جنته
هل أدركت الأن أنه عندما يكون الهدف واضحا وجليا سيسهل السير نحوه