السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تبدأ ذكرياتي دائماً عندما كنت صغيراً أتذكر بداية نشأة روحي
العديد من التساؤلات و الكثير من الأفكار تراودني و الأكثر منها هي رغباتي
أردت دائماً أشياء كثيرة .. لطالما أردت الهدوء و السعاده و الحنان و الأطمئنان
لم أكن أطلب هذه الأمور إلا لأني فعلياً قد قمت بتجربتها .. هنا في ذلك الحضن
حضن أمي .. عندما أغوص و أستكين بين ثنايا حنان أحضان أمي .. أشعر بكل تلك المشاعر مجتمعه
وكأني أجلس في جنتي الخاصه .. آآآآه يا حضن أمي كم أشتاق إليك كثيراً
ألِفت تلك المشاعر حتى أصبحت أريدها دائماً ومن منا لا يريد أن يمر بتلك الأحاسيس التي تفيض عذوبه و تملاً حياتك بالحنان الذي يملأ أرجاء كيانك
وكما أعتدت لا تستمر الأمور على وتيره واحده .. فسرعان ما أفقد ذلك الحضن الحنون و أشعر بتضاد مشاعري السابقه
بل أشعر بمشاعر أشد شراسه وبشاعه وكأن أنياب بارده قاسيه تنهش في ذلك القلب الذي لم يعتد يوماً إلا على نعومة الحنان
و مشاعر الرخاء
فتتحول كل أحلامي إلى كوابيس مريعه .. وتتغير كل مشاعري إلى مشاعر أخرى
مشاعر شرسه و مميته .. مشاعر نَمت في ظل القهر و الظلم فيتحول كياني و قلبي إلى مقر للأحزان و أشعر بالوحده و الوحشه الشديده .. أشعر بهم حقاً
هنا في منتصف نفسي أتلمس أحساس الأفتقاد
تنكسر نفسي وتنطوي مشاعري ويختلف ذلك الصغير عما كان عليه سابقاً من نور وضياء وبرائه يختلف كأختلاف لون الشمس من الشروق إلى الغروب
من شروق شمس النفس الصافيه وهي تطلق أشعتها الدافئه و نورها الوضاح في أرجاء أفق الكيان المزدهر كحديقة مليئه بالنجوم و كأنه فضاء يشع النور
إلى غروب شمس النفس الكئيبه و هي تنزف خيوطها الحمراء الداميه تسيل في أرجاء كياني المهجور كالقبر مليئ بالجثث وكأنه أضيق عليه من نفسي
والآن بعد أن تبدلت كل الأمور و آلت إلى ما آلت إليه
لم تتوقف عند هذا الحد فلا يتوقف الوقت عند الغروب بل يليه الليل وهذا ما اتى على تلك النفس المعذبه
حضر الليل الثقيل بظلامه الدامس المميت يضغط على صدري وكأني ألفظ أنفاسي النهائيه .. وأحتضر .. أتسائل هل هذه هي النهايه ؟!
ولا أكاد أنتهي من سؤالي حتى تأتيني المنيه ...............
وتموت مشاعري و تموت روحي ويموت كل ما يتعلق بأحساسي
.. أحساسي القديم ..
بمجرد موت كياني السابق يبدأ في الظهور كيان جديد ومشاعر جديده
ولكنها تختلف عن تلك السابقه .. لا .. بل إنها تشبهها للغايه
تشبهها في كونها النقيض
فيصبح ذلك الصغير كبيراً ويتلمس مشاعره الجديده و يرى ذاته من خلال مرآة روحه
ويرى أنياب بارده قد برزت له و قد أصبح أشد بشاعه وشراسه ممكن كانوا يحطمونه عندما كان روحاً طاهره
والآن هو يقوم بتحطيمهم وتمزيق أشلائهم بلا هواده او رحمه
وتتفتح وحشيته في حقل الموت الجديد و ينطلق ليفني و ينهي أرواح من حوله بأشد و أشنع السبل و الوسائل المميته
فلا يفرق بين طاهر و مدنس أو نقي و ملوث .. جميعهم يتم سحقهم تحت وطأة النفس المتوحشه الجديده المنبعثه من أطلال الجمال القديم
وتظل رحلة الحياه لا تريد أن تنتهي وتستمر تلك الروح المشوهه وتستمر و ....
وألمح أحدهم وقد وقف هناك يطالعني بأسى شديد .. أتسائل من هذا ؟!
إنه يحمل رائحه مألوفه .. أقترب منه لأتفقده كما أفعل مع أي فريسة جديده
ولكن عندما أقترب يرتج كياني وكأن احدهم ضغط على مكابح أنفاسي بكل قوه و عنف
لتقفز شهقه خاطفه رغماً عني وأحدق في روح من يقف أمامي .. إنه يمتلك الحضن الدافئ المماثل لذلك الذي كان في
العهد القديم
يبتعد كياني عنه بسرعه خائفه كالمصعوق .. وهو يقترب نحوي بخطوات هادئه وتمتد ذراعيه للأمام بشكل متسع
ماذا !! ماذا يريد ! ولما متحوش مثلي ألِف أمتصاص أرواح البشر والتمثيل بها يشعر بالخوف والتردد من تقدم ذلك الشخص الذي يحاول أحتضاني
أتراجع أكثر و أكثر حتى أصطدم بجدار خلفي .. لا أعلم من أين أتى ذلك الجدار البارد كالجليد ولكنه جدار مألوف للغايه .. فلقد كان جدار قبري قبل أن أفقد حياتي السابقه .. ولكن ما الذي أتى به مره أخرى أم إني أنا من عدت إلى ذلك القبر مجدداً !!
هل هذا الشخص الذي مازال يستمر بالسير نحوي يريد أحتضاني هو وحش متنكر أشد ضراوه مني وقد حانت نهايتي عقاباً لي على ما أقترفته يداي من آثام لا تنتهي
ويحتضن ذلك الشخص روحي رغماً عني و تخرج من بين شفتي روحه كلمات كالنور
( المعذره يا عزيزي فلقد عانيت كثيراً و تُرِكت وحدك حتى تحولت إلى ما انت عليه الآن )
هنا تتحطم الصوره التي أراها أمامي لينقشع ضباب رؤيتي الداميه وأرى ملامح من يحتضني .. وتنطلق مني كلمه تحمل كل الشغف و الأمل و المفاجئه و التساؤل
!! أمي !!
وأدرك أني عدت مره أخرى إلى ذلك الحضن المشابه للذي ألفته من أمي .. فجميع الأرواح النقيه سواء
وتتفتت تلك القشرة السميكه التي تغلفني ويذوب سواد قلبي بين ثنايا نقاء نفسه الهادئه
أعود .. أعود لأرى نفسي كما كنت من قبل ولا أقوى إلى على أن أجهش بالبكاء كالطفل الصغير الذي كان ينكمش في أحضان أمه ليندس بين نعومة حنانها الرقيق
وأعود لنفسي القديمه بعد رحلة غياب مُرهقه .. أعود لأستريح وأستكين و لأبدأ بالتفكير في أحلامي مجدداً
نعم تلك الأحلام التي أعتقدت أنها تحولت إلى كوابيس نهائيه لا عوده منها
وأدرِك الآن لما خُلقنا نحن البشر .. خٌلقنا لكي تحتضن روح كلاً منا الآخر عند حاجتنا لذلك
وهنا أبدأ حياتي لأكون أنا الحضن الذي يحتضن الجميع .. أحتضن الجميع
حتى الحضن الذي طالما أحتضنني .. الآن أقوم بإحتضانه بين أضلعي الحانيه
مرت أيام كثيرة ماضيه و مازال هناك أيام أكثر سأمضيها
ليأتي شروق الشمس مره أخرى لأكون شمس للجميع و يأتي الغروب لأكون حضن يحتضن من يخاف من لون الشفق و يأتي الليل حتى أنير أرواح من هم حولي دائماً
سأظل قوياً مشرقاً حتى إن فقدت جميع من يحتضنوني
لأني أحبك أنت ولا أحب سواك من أعمق أعماق قلبي
أًحبك يا ربي .. أٌحبك أٌحبك أُحبك أُحـِـبُـك يـا الله
ولا أريد أن يحتضني سوآآآك .. إحتضن عبداً أحبك و عشقك من كامل قلبه و صميم روحه و كل كيانه .. أحتضني أنا مُحبك و عبدك
و خاضع لك
يــا حـبـيـبـي
أحتضني
بين
ثنايا
عفوك
و رحمتك
ومغفرتك
يـا حـبـيـبـي
أحـتـضـنـي
يــارب